محسن غريب: ضعف الاقتناء والإقبال الجماهيري يحبطان الفنان البحريني

الجمعة 2019/06/28 - العرب 


كان للخط العربي النصيب الأكبر في تجربة الفنان البحريني محسن غريب، فقد شغف به صغيرا، الأمر الذي انعكس على مجمل أعماله التشكيلية، والمتتبع لمعارضه الشخصية ومشاركاته المحلية والدولية وورش العمل التي يقيمها في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي، يمكنه ملاحظة خصوصية هذا التجلي للحرف.

 

المنامة – كان الفنان البحريني محسن غريب في سن الـ14 من عمره عندما بدأ اهتمامه بالخط العربي، حينها واجهته صعوبة التعلم بسبب عدم وجود المدرسين أو مواقع التواصل الاجتماعي كما هو الحال الآن، فكان قرار الالتحاق بمدرسة الخط العربي للخطاط الشهير عبدالإله العرب، حيث درس لمدة 6 أشهر، وجاءت بدايات التجربة انطلاقا من المدرسة الحروفية، ثم الرسم والنحت في جمعية البحرين للفن المعاصر.

إرث فكر

برع محسن غريب في تحقيق نقلات فنية خلال مسيرة تجربته، فبعد الخط اشتبك مع عدة مدارس فنية منها الرسم والنحت والحروفية والفن المفاهيمي، حيث شارك في العديد من المعارض الجماعية في “الفن التركيبي”، ووفقا لطبيعة الرؤى والأفكار التي ترتكز عليها أعماله ركز كثيرا على القضايا الإنسانية والأحداث التي تمر عليه وعلى الساحة المحلية والدولية، كما ركز أيضا على الجوانب الأخلاقية والروحية التي تسمو بالإنسان وترقى بذائقته الجمالية.

 

وأكد غريب في حديثة لـ”العرب” أنه تأثر بالمدرسة الحروفية، وقال “في البداية كانت تستهويني أعمال الفنان البحريني الكبير إبراهيم بوسعد، حيث كانت له تجربة جميلة في الحروفية، ولكن سرعان ما حاولت أن أخرج من تأثري وأحقق الأسلوب الخاص بي، وفي النحت كنت أعشق أعمال مايكل أنجلو وهنري مور النحتية”.

 

وأشار إلى أن هناك نقلة نوعية للخط العربي وتوظيفه من الجانب الجمالي وإدخاله في الفن التشكيلي والعمارة والديكور وتطويعه مع الخامات الحديثة والَمختلفة، بحيث أصبح جزءا من حياة الناس سواء في البيوت أو المجمعات أو الشارع، إذ فرض الخط العربي نفسه من بين باقي الفنون البصرية ليكون إرثا فكريا مهما تناقلته الأجيال لعلاقته المباشرة بالقرآن والحديث النبوي بالدرجة الأولى، والفكر والفن واللغة ثانيا.

وقال “من خلال عملي المتواصل في السنوات الأخيرة تلقيت العديد من الدعوات لإقامة ورش فنية خارج البحرين، ومنذ العام 2014 وإلى اليوم أقمت ما يقارب 57 ورشة فنية على مستوى الخليج وبعض الدول العربية مثل مصر وتونس والمغرب وأخرى أجنبية كالهند.

حيث وصل مجموع المشاركين في هذه الورش ما يقارب 540 شخصا، وشاركت خلال السنوات الماضية ممثلا عن بلدي البحرين عشرات المرات في المحافل الدولية وأقمت 7 معارض شخصية خلال 5 سنوات وأنتجت حقيبتين فنيتين للتعليم في أسلوبي المتبع في المدرسة الحروفية”.

ورأى غريب أن المجتمع البحريني بأهله وأمكنته وتراثه له تجل خاص على أعماله “هناك أعمال لي ترتكز على الإنسان البحريني كالشاعر البحريني الجاهلي طرفة بن العبد وبعض المعالم في البحرين والنخلة كونها من أبرز معالمها الطبيعية، علاوة على التطور العمراني، حيث أرى أن إحدى مسؤوليات الفنان تتمثل في الجانب التوثيقي لحقبة من الزمن”.

ولفت غريب إلى أن “الإنسان البحريني له طموح كغيره من شعوب المنطقة، ولديه أيضا عراقيل تحول بينه وبين أمنياته وهمومه اليومية التي يعيشها في ظل السعي الحقيقي للعيش الرغيد، والفنان كفرد وجزء من المجتمع مطلع على كل هذه الأمور فيسعى تارة لطرح تلك القضايا في أعماله وتارة أخرى يعطي الطاقة الإيجابية في أعماله وأطروحاته كنوع من الدعم المعنوي والنفسي”.

وأضاف “الإنسان البحريني مثابر ومكافح وسعيه دائم في أن يبني مستقبله، وقد ينشغل في أحيان كثيرة عن الجانب التشكيلي والثقافي بشكل عام، الأمر الذي ينعكس على قلة حضوره في المحافل الفنية، لذا تجد الفنان البحريني يسعى لإقامة معارضه خارج البلاد بعد أن يقدم تجربته في بلاده”.

 

ملكة النقد

حول حضور وتفاعل المشهد الفني التشكيلي في البحرين داخل المشهد العربي، قال محسن غريب “لا يخفى على أحد تزايد القضايا في المنطقة وبشكل سريع، وهذه الأحداث السريعة التي تعصف بالمنطقة من جهة والظروف التي يعيشها الفنان نفسه بسبب تلك القضايا من جهة أخرى، تجعل الفنان يبدو كأنه خارج هذه الدائرة، لكنه في الحقيقة داخلها، هناك من الفنانين الذين يعيشون الحدث يوما بيوم ويطرحون رؤيتهم كفنان الكاريكاتير مثلا، وهناك من الفنانين من يحرصون على طرح تلك القضايا في أعمالهم، لكن كل حسب أسلوبه الفني”.

وأشار غريب إلى أن البحرين تضم كما هائلا من الفنانين والمثقفين المتحققين نسبة لبلد لا يتعدى تعداده السكاني المليون ونصف المليون نسمة، وهناك معارض فنية كثيرة تقام سواء فردية أو جماعية، وغالبا ما تكون بجهود شخصية بعيدة عن دعم المؤسسات المختصة في هذا المجال.

ويشير “لكن مما يؤسف له أننا نفتقر إلى ثقافة الاقتناء والحضور الجماهيري للمعارض والمنتديات الفنية، مما يتسبب في مشكلة الإحباط لدى الكثير من الفنانين”. ويرى الفنان البحريني أن الحلول تكمن في الدعم الإعلامي للمؤسسات وجعل زيارة المعارض الفنية جزءا من برنامج الدولة التعليمي

 سواء للمدارس أو الجامعات وموظفيها، مع تخصيص ميزانية سنوية لدعم الفنانين وترغيب الدولة لمؤسساتها والشركات الاستثمارية في البحرين في اقتناء الأعمال وأن تخصص سنويا مجموعة من الفنانين المجتهدين والمميزين للتفرغ الفني.

وأسف محسن غريب على غياب حركة نقدية مواكبة لحركة الفن التشكيلي البحريني، وقال “هناك أقلام جميلة تكتب عن الحركة الفنية من بعض الفنانين، لكنها ليست نقدا، هم ليسوا بنقاد، لذا لا أرى وجودا لهذه الحركة منذ فترة طويلة، وعليه آمل في إنشاء مؤسسة فنية تعليمية تقدم دورات تطويرية في هذا المجال الفني والنقدي”.

 

 

 

 


جميع الحقوق محفوظة للموقع الرسمي للفنان محسن غريب © 2024